مجلس النوابالبرلمانمجلس المستشارين

You are here


الخطب الملكية

خطاب صاحب الجلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه بمناسبة افتتاح الدورة الثانية للبرلمان : السنة التشريعية 1964 - 1965

> الأحد 04 أبريل 1965

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول لله



حضرات السادة النواب والمستشارين: 

لقد امتازت الدورة العادية الأولى لمجلسي البرلمان بدراسة مشروعي الميزانية العامة, والمخطط الثلاثي, والمصادقة عليهما, فتحددت بالأولى الموارد و النفقات, واتضحت معالم النشاط الذي سيسود أجهزة الدولة و المرافق العامة خلال سنة, بينما رسمت بالثاني اختيارات الأمة, واتضحت المجالات التي أوليت لها الأسبقية, تلبية لاحتياجاتنا الملحة الأكيدة .
وإذا كان للمخطط على الخصوص من مدلول, فهو المدلول الاقتصادي, الذي تتسق به مع الحريات السياسية و الحقوق الاجتماعية التي هي المدلول السياسي, مفاهيم الديمقراطية, التي جعلناها شعارا لحكمنا وقاعدة يرتكز عليها نظامنا .
وإننا لم نسن للأفراد و الجماعات, الحقوق والحريات, ولم نقم دعائم الديمقراطية بهذه البلاد, - بمحض اختيارنا, وعميق اعتقادنا - إلا لأننا نربأ بشعبنا أن يضاف إلى الشعوب المستعبدة, ولأننا نحرص أشد الحرص, على أن يفسح له مجال مشروع, للاعراب عن متطلباته, و التعبير عن مبتغياته .
ونحن نعلم بحكم ما أناط الله بشخصنا من مسؤوليات, وألقاه على عاتقنا من أعباء, المشاكل التي تعترض سبيلنا اليوم, والعقبات التي يتعين على الأمة جمعاء, -ملكا وشعبا-,أن تعمل على حلها و تذليلها, ونحن بحكم اتصالنا الوثيق بواقع البلاد, وبالظروف التي تجتازها , والأطوار التي تمر بها, لاينقطع تفكيرنا في البحث عن وسائل العلاج, وأسباب قطع المراحل الشاقة دون عناء, والانتقال من حالة تسوء إلى حالة تطمئن إليها النفوس, ومن طور عسير, إلى طور لاتكتنفه الصعاب, ولا تحدق به الأخطار, و في نطاق البحث عن وسائل مواجهة الحالة, بما تتطلبه من علاج, وجهنا نداء في الخطاب الذي ألقيناه بمناسبة عيد العرش الأخير, قصدنا به إلى اجتماع الكلمة , واتحاد الصفوف, بغية حماية المكاسب الوطنية, والسير قدما بالبلاد, نحو ما نبتغيه لها من عز و رفاهية, ولم نكتف بهذا النداء, بل عملنا على خلق الجو الصالح لحمل جميع ذوي النيات الحسنة على الاسهام في النهوض بالبلاد, فعفونا عن عدد كثير ممن أدانت العدالة ما ارتكبوه من جرائم, وبعد ما استعرضنا بامعان المشاكل التي تفت في عضد الأمة, والعلل التي تحول بينها وبين النمو والرقي, وضعنا طائفة من التوجيهات و المبادئ, التي نعتبرها أساسا صالحا لبرنامج عمل حكومي خليق بأن تلتف حوله الكلمة, وتتحد الصفوف وعرضناها على رئيسي مجلسي البرلمان, ومختلف الهيآت السياسية والنقابية, وبعض الشخصيات, لتحيطنا علما بما لها من ملاحظات و آراء بشأنها, وقد تسلمنا منها أمس الأمس أجوبتها, التي نباشر الآن دراستها وتحليلها, وإننا لنأمل أن تكون تلك الأجوبة, معبرة صادق التعبير عن الروح المثالية التي حدتنا في الماضي, إلى التضحية والفداء, وحفزت هممنا إلى التجرد ونكران الذات, ونبذ الأثرة والأنانية, واجتناب ركوب الشهوات وعدم التسامح .

وإننا لنأمل فوق هذا, أن تنهض جميع المؤسسات الدستورية بالأعباء الملقاة على كاهلها, سواء في ذلك الجهاز التشريعي أو الجهاز التنفيذي, وتكون خير أداة لتحقيق ما يطمح إليه شعبنا من تقدم ورخاء, وإننا نأبى أن نتصور أن المؤسسات الدستورية, ستحيد يوما من الأيام عن الجادة القويمة, وتعدل عن المحجة السليمة, وتنسى المهمة التي من أجلها أقيم بنيانها, ووطدت أركانها , على أننا أيما كانت الأحوال, عازمون من جهة, بحكم مسؤولياتنا التقليدية, وواجباتنا الدستورية, على شد أزر مؤسساتنا التمثيلية , وبذل كل عون لها, لتقوم بواجباتها, وتؤدي مهامها على الوجه الأكمل, كما أننا مصممون من جهة أخرى, على حماية مكتسباتنا الديمقراطية, وصيانة أنظمتنا المتحررة, وضمان حقوق شعبنا وحرياته, ورعاية شؤونه, والسهر على مصالحه, والحيلولة بين شعبنا الحبيب, وبين كل ما من شأنه أن يعرضه للضياع .

حضرات السادة النواب والمستشارين :

إننا نعلن افتتاح الـدورة الثانيـة العاديـة للبرلمان, سائلين الله أن يلهمكم التوفيق والسداد, ويهديكم سـبـل الحق والرشاد